سمة العصر الانفتاح على الآخر..(2-2)

سمة العصر الانفتاح على الآخر..(2-2)

  • سمة العصر الانفتاح على الآخر..(2-2)

اخرى قبل 4 سنة

سمة العصر الانفتاح على الآخر..(2-2)

د.عبد الرحيم جاموس

في مقابل الانفتاح المعرفي تبرز قوى متضررة مما يحدثه الانفتاح على مستوى الفكر وعلى مستوى البنى الاجتماعية وعلاقاتها الداخلية والخارجية فتقف موقفاً معارضاً أو معاديا تجاه أي من التحولات والتغيرات المجتمعية السياسية والاقتصادية والسلطوية، مما ينتج لديها حالة من الجمود والانغلاق الفكري يتغذى بمصدر أو نمط فكري واحد من أنماط المعرفة الفكرية، ويتمترس خلفها أو تحت ستارها ليبرر استمرار مصالحه التي أسقطها الانفتاح الفكري وآلياته القائمة على التفاعل الفكري من مصادره الأربعة، وتفاعله الإنساني على مستوى الذات والآخر، وهذه القوى تقف عادة في وجه كل تغيير يهدد امتيازاتها القائمة، فيصبح الجمود الثقافي والفكري لديها ميزة تدافع عنها، وتخلق لها المبررات لاستمرار امتيازاتها وسلطاتها الاجتماعية وغيرها، وقد يقود انغلاقها الفكري إلى جمود المجتمع وتخلفه أو إلى تمزق الوحدة الاجتماعية إلى قوى تجاري الانفتاح وأخرى تعارضه، وبالتالي تهدد وحدة نسيج المجتمع، ما يتيح المجال أمام هذه الحالة لظهور أعراض أمراض فكرية ومجتمعية قد تصل إلى حالة من الغلو والتطرف الفكري الذي يؤدي إلى استخدام العنف في وجه الآخر، وينفرط العقد الاجتماعي للمجتمع والدولة بين محافظ لا يريد التغيير، وبين منفتح يسعى إلى التغيير والتطوير، وبالتالي لابد من ضبط إيقاع التغيير الحتمي للمجتمع على مستوى العلاقات الإنسانية في المجتمع الواحد على أسس من الحوار الإنساني، والقائم على المبدأ الأساسي في الحوار والذي أرساه قوله تعالى: ((ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)) حتى تتم عملية التحول والتغير التي تفرضها سنن الكون بصورة سلسة وسلمية بعيداً عن العنف الداخلي الذي قد يهدد المجتمع أو العنف الخارجي الذي قد يهدد بنشوب الصراعات والحروب بين الدول والجماعات المختلفة، إن الجماعات الفكرية المنغلقة فكريا هي ذات فكر أحادي المصدر والشكل والنمط، ويقود لا محالة إلى انتاج شكل معرفي جامد مغلق، وبالتالي إلى مجتمع جامد مغلق عاجز عن التفاعل مع المجتمعات الأخرى ولا يستطيع الاستفادة من تجاربها ومن تطورها وتتشكل لديه نظرة الخوف والريبة من الآخر والخوف على الذات، ويضع نفسه في حالة من حالات المواجهة مع الذات ومع الآخر مما يؤسس إلى نظرة الكراهية للآخر، كما تؤدي عادة إلى محاولة إعادة إنتاج أنماط معرفية وحياتية ماضوية تتعارض مع سنة التغيير والتطوير التي فطرت عليها البشرية مصداقا لقوله تعالى: ((لولا دفع الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض)).

فالانفتاح المعرفي يعد ضرورة لمواكبة الفطرة الإنسانية، ومواكبة جملة المتغيرات والتحولات التي يشهدها العالم باستمرار، وضرورة لاستيعاب حركة التقدم والتطور في كل الميادين الحياتية على مستوى الفرد وعلى مستوى المجتمع، والذي يمثل سمة العصر.

في ختام هذه المقالة نستنتج أن الجماعات التي تدعي الأصولية قد وضعت نفسها في شرنقة الماضي وأبرز هذه الجماعات هي الصهيونية المسيحية اليهودية التي تبرر لنفسها باسم الرّب مخالفة سنن الحياة وبناء تصور يقوم على كراهية الآخر أو استبعاده، والنموذج الواضح لها يتمثل في كيان المستعمرة الإسرائيلية في فلسطين المحتلة وما يلقاه من دعم من قبل الصهيونية المسيحية التي تحكم سيطرتها اليوم على إدارة الولايات المتحدة الأمريكية وتوفر لها الدعم الكامل وتنحاز لرؤاها السياسية والفكرية في إنكار الشعب الفلسطيني وحقوقه الثابتة في وطنه فلسطين، وهي بالتالي محكومة بالفشل مهما إستخدمت من عناصر البطش والقوة والإنكار لمنافاتها للواقع من جهة وتعارضها مع سنن التطور والتغيير والانفتاح والحرية والقائم على أساس الإقرار بحقوق الآخرين من جهة أخرى.

 

التعليقات على خبر: سمة العصر الانفتاح على الآخر..(2-2)

حمل التطبيق الأن